الآيات
{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)}
تفسير محمد بن إسماعيل الشوكاني
{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)}
قوله: {بَرَاءةٌ مّنَ الله وَرَسُولِهِ} برئت من الشيء أبرأ براءة، وأنا منه بريء: إذا أزلته عن نفسك، وقطعت سبب ما بينك وبينه، وبراءة مرتفعة على أنها خبر مبتدأ محذوف: أي هذه براءة، ويجوز أن ترتفع على الابتداء، لأنها نكرة موصوفة، والخبر {إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ}.
وقرأ عيسى بن عمر {براءة} بالنصب على تقدير: اسمعوا براءة، أو على تقدير: التزموا براءة، لأن فيها معنى الإغراء، و{من} في قوله: {مِنَ الله} لابتداء الغاية متعلق بمحذوف وقع صفة، أي واصلة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم.
وقرأ روح وزيد بنصب {رسوله} وقرأ الباقون بالرفع.
والعهد: العقد الموثق باليمين.
والخطاب في عاهدتم للمسلمين، وقد كانوا عاهدوا مشركي مكة وغيرهم بإذن من الله ومن الرسول صلى الله عليه وسلم، والمعنى: الإخبار للمسلمين بأن الله ورسوله قد برئا من تلك المعاهدة بسبب ما وقع من الكفار من النقض، فصار النبذ إليهم بعهدهم واجباً على المعاهدين من المسلمين، ومعنى براءة الله سبحانه، وقوع الإذن منه سبحانه بالنبذ من المسلمين لعهد المشركين بعد وقوع النقض منهم، وفي ذلك من التفخيم لشأن البراءة والتهويل لها والتسجيل على المشركين بالذلّ والهوان ما لا يخفى.
{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)}
قوله: {فَسِيحُواْ في الأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} هذا أمر منه سبحانه بالسياحة بعد الإخبار بتلك البراءة، والسياحة: السير، يقال: ساح فلان في الأرض يسيح سياحة وسيوحاً وسيحاناً، ومنه سيح الماء في الأرض وسيح الخيل، ومنه قول طرفة بن العبد:
لو خفت هذا منك ما نلتني *** حتى ترى خيلاً أمامي تسيح
ومعنى الآية: أن الله سبحانه بعد أن أذن بالنبذ إلى المشركين بعهدهم أباح للمشركين الضرب في الأرض والذهاب إلى حيث يريدون، والاستعداد للحرب هذه الأربعة الأشهر، وليس المراد من الأمر بالسياحة تكليفهم بها.
قال محمد بن إسحاق وغيره: إن المشركين صنفان:
صنف كانت مدة عهده أقلّ من أربعة أشهر، فأمهل تمام أربعة أشهر، والآخر كانت أكثر من ذلك فقصر على أربعة أشهر، ليرتاد لنفسه، وهو حرب بعد ذلك لله ولرسوله وللمؤمنين يُقتل حيث يوجد، وابتداء هذا الأجل يوم الحج الأكبر، وانقضاؤه إلى عشر من ربيع الآخر، فأما من لم يكن له عهد فإنما أجله انسلاخ الأشهر الحرم، وذلك خمسون يوماً: عشرون من ذي الحجة وشهر محرم.
وقال الكلبي: إنما كانت الأربعة الأشهر لمن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد دون أربعة أشهر، ومن كان عهده أكثر من ذلك فهو الذي أمر الله أن يتمّ له عهده بقوله: {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلى مُدَّتِهِمْ} ورجح هذا ابن جرير، وغيره.
قوله {واعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله} أي:
اعلموا أن هذا الإمهال ليس لعجز، ولكن لمصلحة ليتوب من تاب، وفي ذلك ضرب من التهديد، كأنه قيل: افعلوا في هذه المدّة كل ما أمكنكم من إعداد الآلات والأدوات، فإنكم لا تفوتون الله وهو مخزيكم: أي مذلكم ومهينكم في الدنيا بالقتل والأسر، وفي الآخرة بالعذاب، وفي وضع الظاهر موضع المضمر، إشارة إلى أن سبب هذا الإخزاء هو: الكفر، ويجوز أن يكون المراد: جنس الكافرين، فيدخل فيه المخاطبون دخولاً أوّلياً.
{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)}
قوله: {وَأَذَانٌ مّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الناس يَوْمَ الحج الأكبر} ارتفاع أذان على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو على أنه مبتدأ وخبره ما بعده على ما تقدّم في ارتفاع براءة، والجملة هذه معطوفة على جملة {بَرَاءةٌ مّنَ الله وَرَسُولِهِ} وقال الزجَّاج: إن قوله: {وأذان }معطوف على قوله: {براءة}.
واعترض عليه بأن الأمر لو كان كذلك لكن {أذان} مخبر عنه بالخبر الأوّل، وهو {إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ مّنَ المشركين} وليس ذلك بصحيح.
بل الخبر عنه هو {إِلَى الناس}، والأذان بمعنى: الإيذان، وهو الإعلام، كما أن الأمان والعطاء بمعنى الإيمان والإعطاء.
ومعنى قوله:{إِلَى الناس} التعميم في هذا: أي أنه إيذان من الله إلى كافة الناس غير مختص بقوم دون قوم، فهذه الجملة متضمنة للإخبار بوجوب الإعلام لجميع الناس، والجملة الأولى متضمنة للإخبار بالبراءة إلى المعاهدين خاصة، و{يَوْمَ الحج} ظرف لقوله: {وأذان} ووصفه بالأكبر لأنه يجتمع فيه الناس، أو لكون معظم أفعال الحج فيه.
وقد اختلف العلماء في تعيين هذا اليوم المذكور في الآية، فذهب جمع، منهم: عليّ بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن أبي أوفى، والمغيرة بن شعبة، ومجاهد، أنه: يوم النحر. ورجحه ابن جرير.
وذهب آخرون منهم: عمر، وابن عباس، وطاوس، أنه: يوم عرفة.
والأوّل: أرجح؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر من بعثه لإبلاغ هذا إلى المشركين أن يبلغهم يوم النحر.
قوله: {أَنَّ الله بَرِئ مّنَ المشركين وَرَسُولُهُ} قرئ بفتح (أن) على تقدير: بأن الله برئ من المشركين. فحذفت الباء تخفيفاً.
وقرئ بكسرها؛ لأن في الإيذان معنى القول، وارتفاع {رسوله} على أنه معطوف على موضع اسم (أن) أو على الضمير في {برئ} أو على أنه مبتدأ وخبره محذوف، والتقدير: ورسوله بريء منهم.
وقرأ الحسن وغيره {ورسوله} بالنصب عطفاً على لفظ اسم {أن}.
قوله:{فإن تبتم} أي: من الكفر، وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب، قيل: وفائدة هذا الالتفات زيادة التهديد، والضمير في قوله: {فَهُوَ} راجع إلى التوبة المفهومة من تبتم {خَيْرٌ لَّكُمْ} مما أنتم فيه من الكفر {وَإِن تَوَلَّيْتُمْ} أي: أعرضتم عن التوبة، وبقيتم على الكفر {فاعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى الله} أي: غير فائتين عليه، بل هو مدرككم، فمجازيكم بأعمالكم.
قوله:{وَبَشّرِ الذين كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} هذا تهكم بهم، وفيه من التهديد ما لا يخفى.
تفسير ابن جرير الطبري
بَرَآءةٌ مِن اللهِ وَرَسُولِهِ إلى الذين عَاهَدْتُمْ مِن المُشْرِكِيْن
يعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله } هَذِهِ بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله .
فـ" بَرَاءَة " مَرْفُوعَة بِمَحْذُوفٍ , وَهُوَ " هَذِهِ " , كَمَا فِي قَوْله : { سُورَة أَنْزَلْنَاهَا } مَرْفُوعَة بِمَحْذُوفٍ هُوَ " هَذِهِ " وَلَوْ قَالَ قَائِل : بَرَاءَة مَرْفُوعَة بِالْعَائِدِ مِنْ ذِكْرهَا فِي قَوْله : { إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ } وَجَعَلَهَا كَالْمَعْرِفَةِ تَرْفَع مَا بَعْدهَا , إِذْ كَانَتْ قَدْ صَارَتْ بِصِلَتِهَا وَهِيَ قَوْله : { مِنْ اللَّه وَرَسُوله } كَالْمَعْرِفَةِ , وَصَارَ مَعْنَى الْكَلَام : بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ; كَانَ مَذْهَبًا غَيْر مَدْفُوعَة صِحَّته , وَإِنْ كَانَ الْقَوْل الْأَوَّل أَعْجَبَ إِلَيَّ , لِأَنَّ مِنْ شَأْن الْعَرَب أَنْ يُضْمِرُوا لِكُلِّ مُعَايَن نَكِرَة كَانَ أَوْ مَعْرِفَة ذَلِكَ الْمُعَايَن , هَذَا وَهَذِهِ , فَيَقُولُونَ عِنْد مُعَايَنَتهمْ الشَّيْء الْحَسَن : حَسَن وَاَللَّه , وَالْقَبِيح : قَبِيح وَاَللَّه , يُرِيدُونَ : هَذَا حَسَن وَاَللَّه , وَهَذَا قَبِيح وَاَللَّه ; فَلِذَلِكَ اِخْتَرْت الْقَوْل الْأَوَّل . وَقَالَ : { بَرَاءَة مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ } وَالْمَعْنَى : إِلَى الَّذِينَ عَاهَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ; لِأَنَّ الْعُهُود بَيْن الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتَوَلَّى عَقْدهَا إِلَّا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَنْ يَعْقِدهَا بِأَمْرِهِ , وَلَكِنَّهُ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ لِعَمَلِهِمْ بِمَعْنَاهُ , وَأَنَّ عُقُود النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّته كَانَتْ عُقُودهمْ , لِأَنَّهُمْ كَانُوا لِكُلِّ أَفْعَاله فِيهِمْ رَاضِينَ , وَلِعُقُودِهِ عَلَيْهِمْ مُسْلِمِينَ , فَصَارَ عَقْده عَلَيْهِمْ كَعُقُودِهِمْ عَلَى أَنْفُسهمْ , فَلِذَلِكَ قَالَ : { إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ } لِمَا كَانَ مِنْ عَقْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْده .
فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ
وَأَمَّا قَوْله : { فَسِيحُوا فِي الْأَرْض أَرْبَعَة أَشْهُر } فَإِنَّهُ يَعْنِي : فَسِيرُوا فِيهَا مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ , آمِنِينَ غَيْر خَائِفِينَ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْبَاعه , يُقَال مِنْهُ : سَاحَ فُلَان فِي الْأَرْض يَسِيح سِيَاحَة وَسُيُوحًا وَسَيَحَانًا.
وَأَمَّا قَوْله : { وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْر مُعْجِزِي اللَّه } فَإِنَّهُ يَقُول لِأَهْلِ الْعَهْد مِنْ الَّذِينَ كَانَ بَيْنهمْ وَبَيْن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد قَبْل نُزُول هَذِهِ الْآيَة : اِعْلَمُوا أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ أَنَّكُمْ إِنْ سِحْتُمْ فِي الْأَرْض وَاخْتَرْتُمْ ذَلِكَ مَعَ كُفْركُمْ بِاَللَّهِ عَلَى الْإِقْرَار بِتَوْحِيدِ وَتَصْدِيق رَسُوله , { غَيْر مُعْجِزِي اللَّه } يَقُول : غَيْر فَائِتِيهِِ بِأَنْفُسِكُمْ ; لِأَنَّكُمْ حَيْثُ ذَهَبْتُمْ وَأَيْنَ كُنْتُمْ مِنْ الْأَرْض فَفِي قَبْضَته وَسُلْطَانه , لَا يَمْنَعكُمْ مِنْهُ وَزِير وَلَا يَحُول بَيْنكُمْ وَبَيْنه إِذَا أَرَادَكُمْ بِعَذَابٍ مَعْقِل وَلَا مَوْئِل إِلَّا الْإِيمَان بِهِ وَبِرَسُولِهِ وَالتَّوْبَة مِنْ مَعْصِيَته . يَقُول : فَبَادِرُوا عُقُوبَته بِتَوْبَةٍ , وَدَعَوْا السِّيَاحَة الَّتِي لَا تَنْفَعكُمْ.
وَأَمَّا قَوْله : { وَأَنَّ اللَّه مُخْزِي الْكَافِرِينَ } يَقُول : وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مُذِلّ الْكَافِرِينَ , وَمُوَرِّثهمْ الْعَار فِي الدُّنْيَا وَالنَّار فِي الْآخِرَة .
وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَأَذَان مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى النَّاس } يَقُول تَعَالَى ذَكَرَهُ : وَإِعْلَام مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى النَّاس يَوْم الْحَجّ الْأَكْبَر .
وَأَمَّا قَوْله : { أَنَّ اللَّه بَرِيء مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُوله } فَإِنَّ مَعْنَاهُ : أَنَّ اللَّه بَرِيء مِنْ عَهْد الْمُشْرِكِينَ وَرَسُوله بَعْد هَذِهِ الْحَجَّة . وَمَعْنَى الْكَلَام : وَإِعْلَام مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى النَّاس فِي يَوْم الْحَجّ الْأَكْبَر , أَنَّ اللَّه وَرَسُوله مِنْ عَهْد الْمُشْرِكِينَ بَرِيئَانِ.
الْتأويل في قَوْله تَعَالَى : { فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْر لَكُمْ } . يَقُول تَعَالَى : فَإِنْ تُبْتُمْ مِنْ كُفْركُمْ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ , وَرَجَعْتُمْ إِلَى تَوْحِيد اللَّه وَإِخْلَاص الْعِبَادَة لَهُ دُون الْآلِهَة وَالْأَنْدَاد , فَالرُّجُوع إِلَى ذَلِكَ خَيْر لَكُمْ مِنْ الْإِقَامَة عَلَى الشِّرْك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة .
{ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ } يَقُول : وَإِنْ أَدْبَرْتُمْ عَنْ الْإِيمَان بِاَللَّهِ وَأَبَيْتُمْ إِلَّا الْإِقَامَة عَلَى شِرْككُمْ.
{ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْر مُعْجِزِي اللَّه } يَقُول : فَأَيْقِنُوا أَنَّكُمْ لَا تُفِيتُونَ اللَّه بِأَنْفُسِكُمْ مِنْ أَنْ يَحِلّ بِكُمْ عَذَابه الْأَلِيم وَعِقَابه الشَّدِيد عَلَى إِقَامَتكُمْ عَلَى الْكُفْر , كَمَا فَعَلَ بِذَوِيكُمْ مِنْ أَهْل الشِّرْك , مِنْ إِنْزَال نِقَمه بِهِ وَإِحْلَاله الْعَذَاب عَاجِلًا بِسَاحَتِهِ.
{ وبشر الذين كفروا } يقول : وأعْلِم يا محمد الذين جحدوا نبوتك وخالفوا أمر ربهم بعذاب موجع يحل بهم.
انتهى
شارك الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي في الاسفل لتعم الفائدة للجميع
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا