متن الحديث
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم ، وسألهم مبتدأً بأبي بكر ماذا تحب من الدنيا ؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه : أحب من الدنيا ثلاثا : الجلوس بين يديك ، والنظر إليك ، وإنفاق مالي عليك . وأنت يا عمر ؟ قال : أحب ثلاثا : أمر بالمعروف ولو كان سرا ، ونهي عن المنكر ولو كان جهرا ، وقول الحق ولو كان مرا . وأنت يا عثمان ؟ قال أحب ثلاثا : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، والصلاة بالليل والناس نيام . وأنت يا علي ؟ قال : أحب ثلاثا : إكرام الضيف ، والصوم بالصيف ، وضرب العدو بالسيف . ثم سأل أبا ذر الغفاري : وأنت يا أبا ذر ماذا تحب في الدنيا ؟ قال أبو ذر : أحب من الدنيا ثلاثا : الجوع ، والمرض ، والموت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ولِمَ ؟ فقال أبو ذر : أحب الجوع ليرق قلبي ، وأحب المرض ليخف ذنبي ، وأحب الموت لألقى ربي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حبب إلي من دنياكم ثلاث : الطيب ، والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة . وحينئذ تنزل جبريل عليه السلام وأقرأهم السلام وقال : وأنا أحب من دنياكم ثلاثا : تبليغ الرسالة ، وأداء الأمانة ، وحب المساكين . ثم صعد إلى السماء وتنزل مرة أخرى وقال : الله عز وجل يقرؤكم السلام ويقول : إنه يحب من دنياكم ثلاثا : لسانا ذاكرا ، وقلبا خاشعا ، وجسدا على البلاء صابراً.
الحكم عليه
هذا الحديث غير موجود في كتب السنة والآثار ، ولم نعثر له على أصل عند المحدثين ، وقد وجدنا الشيخ إسماعيل العجلوني ذكره في كتابه "كشف الخفاء" وعزاه إلى كتاب "المواهب"، وهو كتاب " المواهب اللدنية في المنح المحمدية " للقسطلاني ، وهو كتاب تكثر فيه الأحاديث الموضوعة والتي لا أصل لها.
وقد ذكر كثير من علماء الحديث : أن من الطرق التي يعرف بها عدم صحة الحديث : كونه روي في بعض الكتب التي ليست من دواوين الإسلام المشهورة.
فقال ابن الصلاح رحمه الله تعالى : "إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد، ولم نجده في أحد الصحيحين ، ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة ، فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته" انتهى .
وقال ابن الجوزي : "فمتى رأيت الحديث خارجاً عن دواوين الإسلام كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود ونحوها فانظر فيه : فإن كان له نظير من الصحاح والحسان قرب أمره ، وإن ارتبت فيه ورأيته يباين الأصول فتأمل رجال إسناده.. الخ" انتهى .
ضعف الحديث من حيث المتن
ففي قوله "حبب إلي من دنياكم ثلاث " خطأ من الواضع فقد قال حبب الي من دنياكم ثلاث ولم يذكر سوى اثنين؛ لأن الصلاة ليست من أمور الدنيا .
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
"وأما زيادة : (ثلاث) فهي في "الإحياء" في موضعين ، وفي "الكشاف" في آل عمران : قال الزين العراقي ، وابن حجر ، والزركشي ، وغيرهم : ولم تقع في شيء من طرقه ، بل هي مفسدة للمعنى ، فإن الصلاة ليست من الدنيا" انتهى .
الخلاصة
مما سبق ذكره من أقوال علماء الحديث يتبين لنا ضعف هذا الحديث فلا يصح نشره ولا نسبه الى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والعجيب أننا نرى من يروج له وينشره بدون أن يتأكد من صحته، فالواجب على المسلم الحذر من الوقوع في هذه الأعمال، فإن الكذب على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عاقبته النار فقد قال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ((إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)).[متفق عليه]
انتهى
إذا اعجبك المقال فشاركه في مواقع التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة للجميع.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا