القائمة الرئيسية

الصفحات

 



صفة الصلاة

صفة الصلاة هي : الهيئة الحاصلة في الصلاة، بما لها من الأركان والواجبات والسنن, وهي تبرىء الذمة وتسقط الواجب، إذا أداها العبد بشروطها وأركانها وواجباتها فقط.


 وهي أعظم العبادات وسيلة إلى مرضاة الله تعالى، وحصول ثوابه، إذا صاحَب أداءَ الواجبات الخشوعُ، والخضوع، والطمأنينة، وجمع القلب على الله تعالى، بحيث يؤديها بحال المراقبة لله تعالى، والتفكر والتدبر لما يقول من القراءة، والذكر، والدعاء، ولما يفعل من هيئات القيام، والركوع، والسجود، والقعود؛ وهي كالآتي :


النية 


فهي لازمة في كل عمل، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (إنما الأعمال بالنيات ...الخ) رواه البخاري ، والنية محلها القلب لا يُجْهَر بها، قال شيخ الإسلام : نِيَّةُ الطَّهَارَةِ مِنْ وُضُوءٍ، أَوْ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ، وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ؛ لَا تَفْتَقِرُ إلَى نُطْقِ اللِّسَانِ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، بَلْ النِّيَّةُ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ بِاتِّفَاقِهِمْ، فَلَوْ لَفَظَ بِلِسَانِهِ غَلَطًا خِلَافَ مَا فِي قَلْبِهِ فَالِاعْتِبَارُ بِمَا يَنْوِي لَا بِمَا لَفَظَ.


وقال أيضا : تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُسْتَحَبُّ اللَّفْظُ بِالنِّيَّةِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ : فَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ: يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا لِكَوْنِهِ أَوْكَدَ.


 وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمَا: لَا يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَصْحَابِهِ وَلَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ أَنْ يَلْفِظَ بِالنِّيَّةِ وَلَا عَلَّمَ ذَلِكَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا مَشْرُوعًا لَمْ يُهْمِلْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، مَعَ أَنَّ الْأُمَّةَ مُبْتَلَاةٌ بِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.


 وَهَذَا الْقَوْلُ أَصَحُّ، بَلْ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ: أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَأَمَّا فِي الْعَقْلِ فَلِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُرِيدُ أَكْلَ الطَّعَامِ فَقَالَ: أَنْوِي بِوَضْعِ يَدِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ أَنِّي آخُذُ مِنْهُ لُقْمَةً، فَأَضَعُهَا فِي فَمِي فَأَمْضُغُهَا، ثُمَّ أَبْلَعُهَا لِأَشْبَعَ فَهَذَا حُمْقٌ وَجَهْلٌ.


 وَذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ، فَمَتَى عَلِمَ الْعَبْدُ مَا يَفْعَلُ كَانَ قَدْ نَوَاهُ ضَرُورَةً، فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَ وُجُودِ الْعِلْمِ بِهِ أَنْ لَا تَحْصُلَ نِيَّةٌ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِالنِّيَّةِ وَتَكْرِيرَهَا لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ، بَلْ مَنْ اعْتَادَهُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَدَّبَ تَأْدِيبًا يَمْنَعُهُ عَنْ التَّعَبُّدِ بِالْبِدَعِ، وَإِيذَاءِ النَّاسِ بِرَفْعِ صَوْتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [مجموع الفتاوى]


تكبيرة الإحرام


وهي ركن من أركان الصلاة في الركعة الأولى فقط.

وهي قول "الله أكبر" لا يقوم غيرها مقامها، وتكون همزة "الله" مقصورة، فإنْ مدها, لم تنعقد صلاته؛ لأنَّها صارت همزة استفهام.


 قال الغزالي: التكبير معناه: تعظيم الباري جلَّ وعلا، بأنَّه أكبر من كل شيء وأعظم، وهو متضمن تنزيهه عن كل عيبٍ ونقصٍ، وحكمة الاستفتاح به استحضار عظمة من يقف بين يديه، وأنَّه أكبر شيء يخطر بباله، ليصيب الخشوع والحياء من يشتغل فكره بغيره، ولهذ أجمع العلماء على أنَّه ليس للعبد من صلاته إلاَّ ما عقل منها.


ويستحب رفع اليدين حذو المنكبين، فعن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- قال : "رأيت النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا كبّر جعل يديه حَذْوَ مَنْكِبَيه"، يقال: حاذى الشيءُ الشيءَ محاذاة : إذا صار بحذائه وإزائه؛ يعني : أنَّ المصلي يرفع يديه -عند تكبيرة الإحرام- حتى تحاذي منكبيه، والمنكب : هو مجتمع رأس العضد والكتف، مذكرًا.


قال النووي "والمذهب أنه يرفعهما بحيث تحاذي أطراف أصابعه أعلى أذنيه وإبهاماه شحمتي أذنيه وكفاه منكبيه"[روضة الطالبين وعمدة المفتين] 


ويكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير، قال النووي بعد أن ذكر عدة أقوال "والخامس وهو الأصح يبتدىء الرفع مع ابتداء التكبير ولا استحباب في الانتهاء فإن فرغ من التكبير قبل تمام الرفع او بالعكس أتم الباقي وإن فرغ منهما حط يديه ولم يستدم الرفع"


وقال في "شرح الإقناع": "ويكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير، ويسقط ندب رفع اليدين مع فراغ التكبير كله؛ لأنَّه سنة فات محلها"


 قال الحافظ ابن حجر : روى رفع اليدين في أول الصلاة خمسون صحابيًّا، منهم العشرة المبشرون بالجنة، وهو سنة عند الأئمة الأربعة.


القيام عند القدرة


فلا تصح صلاة العبد وهو جالس بغير عذر شرعي يجيز له الجلوس هذا في الفرض دون النافلة. 



قراءة الفاتحة 


تجب في كل ركعة فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


قال الصنعاني : هُوَ دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا الْمُصَلِّي بِالْفَاتِحَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ، وَالْمُرَكَّبُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَبِانْتِفَاءِ الْبَعْضِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ نَفْيِ الْكَمَالِ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَعَذُّرِ صِدْقِ نَفْيِ الذَّاتِ، إلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ النَّفْيَ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْإِجْزَاءِ، وَهُوَ كَالنَّفْيِ لِلذَّاتِ فِي الْمَآلِ لِأَنَّ مَا لَا يُجْزِئُ فَلَيْسَ بِصَلَاةٍ شَرْعِيَّةٍ.


 وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى إيجَابِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، بَلْ فِي الصَّلَاةِ جُمْلَةً، وَفِيهِ احْتِمَالٌ أَنَّهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، لِأَنَّ الرَّكْعَةَ تُسَمَّى صَلَاةً، وَحَدِيثُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ تُسَمَّى صَلَاةً، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهُ مَا يَفْعَلُهُ فِي رَكْعَةٍ " وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا " فَدَلَّ عَلَى إيجَابِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ.

 وَإِلَى وُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ، وَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ وَآخَرِينَ: أَنَّهَا لَا تَجِبُ قِرَاءَتُهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، بَلْ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ.


 وَالدَّلِيلُ ظَاهِرٌ مَعَ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ وَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْن ِ: 


الْأَوَّل ُ: أَنَّ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ بَعْدَ تَعْلِيمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاطْمِئْنَانِ إلَى آخِرِهِ.


الثاني : أَنَّهُ قَالَ الرَّاوِي: فَوَصَفَ: أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ هَكَذَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ قَالَ: «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ يَفْعَلَ ذَلِكَ: أَيْ كُلُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَغَيْرِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِقَوْلِهِ: فَوَصَفَ الصَّلَاةَ هَكَذَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. [سبل السلام]


ولا يجوز إسقاط البسملة من سورة الفاتحة؛ لأنها آية كاملة من آياتها، واختلف في الجهر بها.


قال النووي "والسنة أن تجهر بالتسمية في الصلاة الجهرية في الفاتحة وفي السورة بعدها‏" [روضة الطالبين]


تابع الموضوع التالي للإكمال صفة الصلاة (2) 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع