سبب تسميتها بهذا الاسم
قال الشوكاني : سميت ليلة القدر لأن الله سبحانه يقدّر فيها ما شاء من أمره إلى السنة القابلة.
وقيل: إنها سميت بذلك لعظيم قدرها وشرفها، من قولهم:
لفلان قدر، أي: شرف ومنزلة، كذا قال الزهري.
وقيل : سميت بذلك لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً، وثواباً جزيلاً.
وقال الخليل: سميت ليلة القدر؛ لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة، كقوله: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق:7] أي ضيق.[تفسير الشوكاني]
وقال النووي : قيل للحسين بن الفضل: أليس قد قدَّر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: نعم، قيل: فما معنى ليلة القدر؟ قال: سَوْقُ المقادير التي خلقها إلى المواقيت تنفيذ القضاء المقدَّر. [رياض الصالحين]
متى ليلة القدر
ليلة القدر تكون في رمضان في العشر الأواخر منه تحديداً في الأيام الوتر، أي الأيام الفردية، وهي : الحادي والعشرون، والثالث والعشرون، والخامس والعشرون، والسابع والعشرون وهي أرجاها، والتاسع والعشرون.
قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ((إِنِّي خَرَجْتُ لأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ فَرُفِعَتْ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمُ الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالْخَمْسِ)).
قال الحافظ بن حجر : يُخْبِر بِليلَةِ القَدْر أي يَخبِر بتَعْيين ليلة القدر.
فتلاحَى رَجُلان أي تَخَاصَمَا وتنازعا.
فَرُفِعَتْ أي رُفِعَ تَعْيينَها عَن ذِكْرِي.
وَعسى أنْ يَكون خيراً : أي عسى أن يكون في رفع تعيينها خَيرٌ مَرْجوٌّ لاسْتِلزامه مَزِيد الثواب، لكونِه سبباً لزيادة الاجتهاد في الْتماسِها.
في السبع والتسع والخمس :أي الْتمسوها لسبعٍ وتسعٍ وخمسٍ يبقين من الشهر _25، 27، 29_.[فتح الباري]
وقال أيضا : ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره لا في ليلة بعينها، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها. انتهى.
وقال بعد ما ذكر الاختلاف فيها على ستة وأربعين قولًا: وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير، وإنما تنتقل، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبعة وعشرين.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان. هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "هي في العشر الأواخر من رمضان". وتكون في الوتر منها. لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين. ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى".
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هِيَ فِي الْعَشْرِ، هِيَ فِي تِسْعٍ يَمْضِينَ أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ)).
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ)).
قال ابن عطية رحمه الله : وليلة القدر مستديرة في أوتار العشر الأواخر من رمضان، هذا هو الصحيح المعول عليه، وهي في الأوتار بحسب الكمال والنقصان في الشهر، فينبغي لمرتقبها أن يرتقبها من ليلة عشرين، في كل ليلة، إلى آخر الشهر، لأن الأوتار مع كمال الشهر، ليست الأوتار مع نقصانه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لثالثة تبقى، لخامسة تبقى، لسابعة تبقى، وقال: التمسوها في الثالثة والخامسة والسابعة والتاسعة، وقال مالك: يريد بالتاسعة ليلة إحدى وعشرين.
وقال ابن حبيب: يريد مالك إذا كان الشهر ناقصا. فظاهر هذا أنه عليه السلام احتاط في كمال شهر ونقصانه، وهذا لا تتحصل معه الليلة إلا بعمارة العشر كله. انتهى.
لا تنسى مشاركة الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا