معناها
تعني أن لا معبود بحقٍ إلا الله قال تعالى (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل) [الحج]
وهي نفي وإثبات؛ فـ(لا إله) تنفي جميع المعبودات بغير حقٍ، و(إلا الله) تثبت العبادة بالحق لله وحده، فهي أساس الدين وأصل الملة، والواجب على جميع الإنس والجن أن يأتوا بها مع الإيمان بمعناها وإخلاص العبادة لله وحده سبحانه.
قال ابن تيمية : إن كلمة لا إله إلا الله ما هي إلا كلمة تنجذب فيها الروح إلى الخالق عز وجل، من قالها بخالص نيته مسلما كافة أموره لله دخل الجنة والإخلاص هو انجذاب القلب لله فيتوب الله عليه من الذنب ويخلصه من كل شر عمله في حياته، وعندما تتوفاه المنية على تلك الحالة أدخل الجنة بغير حساب ولا عقاب، لكن من كان يرددها بلسانه فقط وقلبه يحمل الكثير من البغض والكراهية وعدم الإيمان الحقيقي للكلمة فلا يدخل إلا النار، وهناك العديد من الأحاديث النبوية التي قيل فيها العبد يخرج من النار إلى الجنة عند قوله لا إله إلا الله، فالله حرم على النار من كانوا يسجدون له و يوحدونه ليل نهار ولا توجد في قلوبهم شر ولا حقد لغيرهم من البشر.
وقال النووي: معنى لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق في الوجود إلا الله وحده منفردا في ذاته وأوصافه، لا شريك له في ربوبيته، وإلاهيته.
شروطها
قال الشيخ حافظ الحكمي في منظومته سلم الوصول :
العلم واليقين والقبـــــول ***** والانقيـاد فادر ما أقول
والصـدق والإخلاص والمحبة ***** وفقك الله لما أحبــــه
الشرط الأول : العلم
أي العلم بمعناها المراد منها نفياً وإثباتاً المنافي للجهل بذلك ، قال الله تعالى : (فاعلم أنه لاإله إلا الله )[محمد]. وقال تعالى : ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون )[الزخرف]
أي إلا من شهد بـ"لا إله إلا الله" وهم يعلمون بقلوبهم معنى ما نطقوا به بألسنتهم.
وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة " .
الشرط الثاني : اليقين
أن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً ، فإن الإيمان لا يغني فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، فكيف إذا دخله الشك ، قال الله عز وجل : (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)[الحجرات] فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا ، أي لم يشكوا ، فأما المرتاب فهو من المنافقين.
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة ". وفيه عنه رضي الله عنه من حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه بنعليه فقال " من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة "، فاشترط في دخول قائلها الجنة أن يكون مستيقناً بها قلبه غير شاك فيها ، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط .
الشرط الثالث : القبول
القبول لما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه ، وقد قص الله عز وجل علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قَبِلها وانتقامه ممن ردها وأباها قال تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ، وقفوهم إنهم مسؤلون) إلى قوله ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون )[الصافات]، فجعل الله علة تعذيبهم وسببه هو استكبارهم عن قول لا إله إلا الله ، وتكذيبهم من جاء بها ، فلم ينفوا ما نفته ولم يثبتوا ما أثبتته ، بل قالوا إنكاراًً واستكباراً ( أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيءٌ عجاب . وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على ألهتكم إن هذا لشيءٌ يُراد . ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق )[ص]، فكذبهم الله عز وجل ورد ذلك عليهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقال ( بل جاء بالحق وصدق المرسلين ) ... ثم قال في شأن من قبلها ( إلا عباد الله المخلصين . أولئك لهم رزقٌ معلوم . فواكه وهم مكرمون . في جنات النعيم ) وفي الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير . وأصاب منها طائفة أُخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تُنبت كلأً ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلّم ، ومثل من لم يرفع بذللك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به " .
الشرط الرابع : الانقياد
الانقياد لما دلت عليه المنافي لترك ذلك ، قال الله عز وجل ( وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) أي بلا إله إلا الله ( وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) ومعنى يُسلم وجهه أي ينقاد ، وهو محسن موحد ، ومن لم يسلم وجهه إلى الله ولم يك محسناً فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى ، وهو المعني بقوله عز وجل بعد ذلك ( ومن كفر فلا يحزنك كفره ، إلينا مرجعهم فننبؤهم بما عملوا ) وفي حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جِئت به" وهذا هو تمام الانقياد وغايته .
والخامس : الصدق
وهو أن يقولها صدقاً من قلبه يواطىء قلبه لسانه ، قال الله عز وجل ( الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )[القصص]،وقال في شأن المنافقين الذين قالوها كذباً ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين . يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون . في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )[البقرة]
وفي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي لله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار".
والسادس : الإخلاص
وهو تصفية العمل عن جميع شوائب الشرك قال تبارك وتعالى : ( ألا لله الدين الخالص ) وقال ( قل الله أعبد مخلصاً له ديني ) وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه " ...
والسابع : المحبة
المحبة لهذه الكلمه ولما اقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين لشروطها وبغض ما ناقض ذلك ، قال الله تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله )[البقرة]، فأخبر الله تعالى أن الذين آمنوا أشد حباً لله ؛ وذلك لأنهم لم يشركوا معه في محبته أحدا كما فعل مدعوا محبته من المشركين الذين اتخذوا من دونه أنداداً يحبونهم كحبه ، وفي الصحيحين من حديث أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "
فضلها
1- نيل شفاعة النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم القيامة :
قال رسول الله ( أسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ)).
2- من قالها صادقاً موقناً بها حرم الله عليه النار :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))
وقال ((مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ)).
وقال ((مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ)).
3- من كانت آخر كلامه دخل الجنة :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَأَخْبَرَنِي- أَوْ قَالَ بَشَّرَنِي- أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ))
قال النووي: في هذا الحديث: بشارةٌ عظيمةٌ لأهل التوحيد. وأن من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله خالصًا من قلبه فله الجنة.
وقال: فيه: فضل كلمة التوحيد، وأن من قالها عند موته دخل الجنة.
4- من قالها أدخله الله من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ)).
5- قول لا إله إلا الله أعلى مراتب الإيمان :
قال رسول الله ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ)).
6- أحب الكلام إلى الله :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ))
7- من قالها مستيقناً بها قلبه دخل الجنة :
عن أبي هريرة قال: قَالَ رسول الله : ((يَا أَبَا هُرَيرَةَ)) وَأعْطَانِي نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: ((اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشْهَدُ أنْ لا إله إِلا الله مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ...))
قَالَ رسول الله : ((يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ)). قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: ((هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ)). قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ((فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)). ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: ((يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ)). قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: ((هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ)). قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ((أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمْ)).
8- أفضل الذكر لا إله إلا الله :
عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أفضل الذكر: لا إله إلا الله)). رواه الترمذي
قال النووي: لا إله إلا الله، هي أفضل ما قاله النبيون، وهي كلمة التوحيد والإخلاص. وقيل: هي اسم الله الأعظم.
9- قول لا إله إلا الله بإخلاص تكفر الذنوب :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّالِبَ الْبَيِّنَةَ فَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَاسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ فَحَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَلَى قَدْ فَعَلْتَ وَلَكِنْ قَدْ غُفِرَ لَكَ بِإِخْلاَصِ قَوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ)).
وفي النهاية نتمنى أن تكونوا قد استفدتم من هذا الموضوع فضلاً شارك الموضوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتعم الفائدة للجميع.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك هنا